رئيس مجلس السيادة في الهلالية: زيارة تضامن للشهداء
رئيس مجلس السيادة في الهلالية: زيارة تضامن في قلب مجزرة وحشية
في خطوة ذات دلالات عميقة ورمزية بالغة، قام السيد رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، يوم الثلاثاء الموافق ٢٦ أغسطس ٢٠٢٥م، بزيارة إلى مدينة الهلالية بشرق ولاية الجزيرة، حيث قدم واجب العزاء في شهداء المدينة الذين سقطوا ضحية واحدة من أبشع المجازر التي ارتكبتها مليشيا آل دقلو الإرهابية. هذه الزيارة لم تكن مجرد بروتوكول عزاء، بل كانت رسالة مباشرة من أعلى هرم الدولة تؤكد التزام القيادة تجاه الشعب السوداني وتجدد العهد بالقصاص من مرتكبي هذه الجرائم.
تعتبر مجزرة الهلالية التي وقعت في نوفمبر ٢٠٢٤م واحدة من الفصول الأكثر دموية ووحشية في تاريخ الصراع الدائر. ففي ذلك الشهر الأسود، اقتحمت المليشيا المتمردة المدينة في هجوم همجي، لم يفرق بين مدني أو مقاتل، بين رجل أو امرأة. لقد ارتكبت هذه المليشيا الإرهابية مذبحة جماعية بحق أهل المدينة، حيث تشير التقارير إلى أن أكثر من ألفي مواطن من أبناء المنطقة قتلوا بدم بارد، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين الإنسانية. لم تكتفِ الميليشيا بالقتل، بل فرضت حصاراً خانقاً على الناجين، حرمتهم خلاله من أبسط مقومات الحياة، من الدواء والغذاء، في محاولة لإخضاعهم وتدمير معنوياتهم. هذه الأفعال اللاإنسانية أدت إلى تشريد الآلاف من منازلهم، وجعلتهم بلا مأوى، يبحثون عن الأمان في مناطق أخرى.
إن زيارة القائد العام للقوات المسلحة إلى هذا المكان الذي شهد كل هذا الألم، تحمل في طياتها أكثر من معنى. إنها رسالة مباشرة إلى المليشيات الإرهابية بأن الجيش لن يتنازل عن أي شبر من أرض الوطن، وأن الذاكرة الوطنية لن تنسى هذه المجزرة البشعة. كما أنها تأكيد لأهالي الهلالية بأنهم ليسوا وحدهم في محنتهم، وأن القوات المسلحة، درع الوطن وسيفه، ستعمل بكل ما تملك من قوة لاستعادة الأمن والعدالة وتحقيق القصاص لدماء الأبرياء. الزيارة كانت بمثابة شحذ للهمم وتجديد للعهد بين القيادة والشعب، عهد على دحر العدوان واستعادة كرامة الوطن.
وفي إطار الزيارة، قام السيد البرهان بزيارة خاصة إلى أسرة الشهيد المقدم ركن أحمد النور الإمام، الذي استشهد بمحيط القيادة العامة في أبريل ٢٠٢٣م. هذه اللفتة العظيمة لم تكن مصادفة، بل كانت تأكيداً على أن تضحيات الجيش والشعب هي تضحيات مشتركة وممتدة. الشهيد أحمد النور يمثل رمزاً للتضحية التي يقدمها أبناء القوات المسلحة من أجل حماية الوطن، وربط قصته بمعاناة أهالي الهلالية يعمق الشعور بالوحدة الوطنية ويؤكد أن الدم السوداني واحد، سواء كان في أرض المعركة أو في قلب المدينة.
وعند وصوله، احتشدت جموع غفيرة من مواطني الهلالية لاستقبال سيادته، في مشهد مؤثر يعكس قوة العلاقة بين الشعب وجيشه. لقد ملأت الهتافات التي تنادي بـ “شعب واحد، جيش واحد” الأجواء، لم تكن مجرد شعارات، بل كانت تجسيداً حقيقياً لوحدة المصير، وإعلاناً واضحاً عن دعم الشعب الكامل لقواته المسلحة في حربها ضد الميليشيات المتمردة. هذه الحشود أكدت أن الروح السودانية لم تنكسر، وأن إرادة الحياة والنصر أقوى من أي محاولة للقمع أو الترهيب.
وفي ختام زيارته لشرق الجزيرة، توقف سيادته بقرية العيدج، حيث حرص على تحية أهالي المنطقة وتفقد أحوالهم. هذه اللمسة الإنسانية تعكس الاهتمام المباشر للقيادة بأحوال المواطنين في المناطق المتضررة، وتؤكد على أن معركة الجيش ليست فقط عسكرية، بل هي معركة لتحقيق الاستقرار وتوفير الحياة الكريمة لكل مواطن سوداني. إن زيارة البرهان للهلالية لم تكن مجرد حدث عابر، بل كانت رسالة تضامن وعزم، تؤكد أن شمس النصر ستشرق من جديد على ربوع السودان، وأن العدالة آتية لا محالة.