مليشيا الدعم السريع تعلن التقدم نحو السيطرة الكاملة على الفاشر وسط تحذيرات من سقوط بعض المدن

0

مليشيا الدعم السريع تعلن التقدم نحو السيطرة الكاملة على الفاشر وسط تحذيرات من سقوط بعض المدن

في تطور بالغ الخطورة يُنذر بتصعيد كبير في الصراع الدائر بالسودان، أعلنت مليشيا قوات الدعم السريع في بيان صدر يوم الأحد عن تقدمها الملحوظ وسعيها نحو السيطرة الكاملة على مدينة الفاشر، التي تُعد عاصمة إقليم شمال دارفور الاستراتيجي. يأتي هذا الإعلان في الوقت الذي انتقدت فيه حركة تحرير السودان بقيادة أركو مناوي، المتحالفة مع الجيش السوداني، تحركات قوات الدعم السريع، محذرة في بيان مماثل من أن سقوط الفاشر يعني “سقوط كل مدن السودان تباعًا”.

ومنذ الأسابيع الأولى لاندلاع الحرب المدمرة بين الجيش السوداني و مليشيا قوات الدعم السريع في منتصف أبريل من عام 2023، ظلت مدينة الفاشر تشهد معارك متقطعة وطاحنة. وقد تمكنت قوات الدعم السريع خلال هذه الفترة من بسط سيطرتها على معظم أراضي إقليم دارفور الشاسع، الذي يمثل نحو ربع المساحة الكلية للسودان البالغة حوالي 1.9 مليون كيلومتر مربع.

وفي تبادل للاتهامات بين الطرفين، اتهمت حركة مناوي قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق في معسكر زمزم للنازحين، الذي يؤوي نحو 400 ألف من سكان المدينة المنكوبة. وادعت الحركة في بيانها أن هذه الانتهاكات أدت إلى مقتل مأساوي لنحو 450 شخصًا خلال ثلاثة أيام فقط.

في المقابل، أصدرت قوات الدعم السريع بيانًا خاصًا أكدت فيه أنها ظلت تعمل على مدار الأيام الأربعة الماضية بالتنسيق مع عدد من الحركات المحايدة في الإقليم لتأمين خروج آلاف السكان المدنيين إلى مناطق أكثر أمانًا. وأعلنت عن نشر وحدات خاصة لحماية المدنيين المتبقين داخل المدينة. واتهمت قوات الدعم السريع بدورها قوات الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحالفة معه بتحويل معسكر زمزم إلى ثكنة عسكرية واستخدام المدنيين الأبرياء كدروع بشرية في عملياتهم العسكرية.

وشدد بيان قوات الدعم السريع على رفضها القاطع “للادعاءات الكاذبة باستهداف عناصرنا للمدنيين داخل مخيم زمزم”، ودعت جميع الأطراف إلى “تحري الدقة والموثوقية في تناول الأحداث” ونقل المعلومات.

وأكدت قوات الدعم السريع في بيانها التزامها الكامل بالقانون الدولي الإنساني والمعايير الدولية لحماية المدنيين في مناطق النزاع. كما أعربت عن ترحيبها بجميع المنظمات والوكالات الإغاثية الدولية والإقليمية التي أبدت رغبتها في الاستجابة الفورية للأوضاع الإنسانية المتردية التي يعيشها النازحون والهاربون من ويلات الحرب.

من جانبها، وجهت حركة مناوي في بيانها نداءً عاجلاً إلى قيادة قوات الجيش السوداني، مطالبة إياها بالتحرك الفوري نحو مدينة الفاشر لإنقاذ أكثر من مليون ونصف من السكان المدنيين العالقين هناك تحت وطأة القتال. وأشارت الحركة بقلق بالغ إلى توقف الطلعات الجوية التي كانت تنفذها القوات الجوية السودانية في الإقليم، والتي كانت تمثل غطاءً جويًا ودعمًا للقوات البرية. وتساءل بيان حركة مناوي عن أسباب التأخر في وصول الإمدادات العسكرية الضرورية إلى الفاشر، مستفسرًا عن مصير “قوة ضخمة” تم تجهيزها في مدينة الدبة قبل أكثر من شهرين وكان من المفترض أن تتجه نحو الفاشر.

وفي سياق متصل بالدعوات إلى وقف القتال وحماية المدنيين، دعا التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” إلى الوقف الفوري لكل الأعمال العدائية التي تستهدف حياة وأمن المدنيين في جميع أنحاء السودان. وشدد التحالف على الضرورة الملحة لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها دون عوائق، وإقرار تدابير ملزمة وفعالة لحماية المدنيين من ويلات الحرب، والتحقيق الشفاف والمستقل في “كافة الانتهاكات الجسيمة التي حدثت خلال هذه الحرب” ومحاسبة المسؤولين عنها.

وجدد التحالف المدني الديمقراطي “صمود” تأكيده على أنه لا يوجد حل عسكري مستدام للأزمة العميقة التي يعيشها السودان. وأشار إلى أن “التجارب السودانية المريرة أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن الحرب لا تبني وطنًا موحدًا، ولا تصنع سوى الدمار والخراب”. وحذر التحالف من أن ما يشهده السودان حاليًا من “خراب واسع ومعاناة إنسانية وتمزيق للنسيج الاجتماعي، وتفاقم المآسي، وزيادة معاناة المدنيين” هو النتيجة الحتمية للاستمرار في خيار الحرب والعنف.

وتكتسب منطقة إقليم دارفور أهمية جيوسياسية كبرى نظرًا لمساحتها الشاسعة التي تتجاوز ربع مساحة البلاد، بالإضافة إلى ارتباطها بحدود مشتركة مع أربع دول إقليمية هي ليبيا من الشمال الغربي، وتشاد من الغرب، وجمهورية إفريقيا الوسطى من الجهة الجنوبية الغربية، ودولة جنوب السودان من الجنوب الشرقي. كما يتمتع الإقليم بثقل سكاني واقتصادي كبير، حيث تقدر نسبة سكانه بنحو 17 بالمئة من إجمالي تعداد سكان السودان البالغ حوالي 48 مليون نسمة.

إن التقدم الذي تحرزه قوات الدعم السريع نحو السيطرة على الفاشر يمثل تطورًا خطيرًا قد يؤدي إلى تغيير موازين القوى في الإقليم وربما على مستوى البلاد بأسرها، ويزيد من المخاوف بشأن مصير المدنيين العالقين في مناطق القتال وتفاقم الأزمة الإنسانية التي تعصف بالسودان منذ أكثر من عام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.