الإمارات تسبق العالم بإطلاق أول منظومة تشريعية ذكية متكاملة مدعومة بالذكاء الاصطناعي
الإمارات تسبق العالم بإطلاق أول منظومة تشريعية ذكية متكاملة مدعومة بالذكاء الاصطناعي
في خطوة رائدة وغير مسبوقة على مستوى العالم، ترسخ دولة الإمارات العربية المتحدة مكانتها كمركز عالمي للابتكار والريادة من خلال تبني أحدث التقنيات في صميم عمل حكومتها. فقد اعتمد مجلس الوزراء الإماراتي قرارًا تاريخيًا بإطلاق أول منظومة تشريعية ذكية متكاملة، تعتمد بشكل أساسي على فكر وحلول الذكاء الاصطناعي في تطوير التشريعات والقوانين على مستوى حكومة الإمارات.
تُعد هذه المنظومة المبتكرة، التي لا مثيل لها عالميًا حتى الآن، بمثابة إعادة تعريف جذرية لكيفية بناء وصياغة التشريعات والقوانين. إنها تؤسس لجيل جديد من نماذج الحوكمة الذكية التي تدمج بشكل فريد بين القدرات التحليلية والإبداعية للذكاء البشري والكفاءة والدقة المتناهية للذكاء الاصطناعي. ويهدف هذا التكامل إلى إصدار تشريعات أكثر كفاءة وسرعة واستجابة للمتغيرات المتسارعة، مما يعزز من جاذبية الدولة للاستثمارات النوعية واستقطاب المواهب والكفاءات في قطاع جديد واعد وهو “قطاع الذكاء التشريعي”.
وسيتم بناء هذه المنظومة الطموحة بالتعاون والتنسيق الوثيق مع كافة الجهات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص في الدولة. ستركز الجهود على تطوير تقنيات ذكية متقدمة لرصد وتحليل المتغيرات المحلية والعالمية بشكل مستمر، وتقييم القوانين الحالية للكشف عن أي فجوات تشريعية محتملة. وبناءً على هذا التحليل المعمق، ستقوم المنظومة باقتراح تعديلات تشريعية مستنيرة تستند إلى البيانات الدقيقة وأفضل الممارسات العالمية المتبعة في هذا المجال. كما سيتم توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي المتطورة في عمليات صياغة وإعداد وتحديث القوانين بشكل آني وفعال، بالإضافة إلى تفعيل آليات إنفاذ هذه القوانين وقياس أثرها على المجتمع والاقتصاد بطرق أكثر مرونة ودقة واستجابة للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية المتسارعة ومتطلبات العصر الرقمي الذكي.
وقد وُصفت هذه الخطة الاستراتيجية بأنها تمثل “تنظيمًا تشريعيًا مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي”، وتتجاوز في طموحها وشموليتها المبادرات المماثلة التي أطلقتها حكومات ودول أخرى حول العالم في هذا المجال. فبينما تركز جهود بعض الدول على استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة الخدمات العامة أو تلخيص مشاريع القوانين، تتبنى دولة الإمارات رؤية أكثر شمولية وتطمح إلى تمكين الذكاء الاصطناعي من اقتراح تعديلات جوهرية على القوانين الحالية، وذلك بناءً على تحليل شامل للبيانات الحكومية والتشريعية المتراكمة.
وخلال ترأسه لاجتماع مجلس الوزراء الإماراتي الذي عُقد الأسبوع الماضي، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على الأهمية الاستراتيجية لهذه الخطوة، قائلاً: “أقررنا تطوير آليات التشريع في دولة الإمارات عبر إنشاء “مكتب للذكاء التشريعي” ضمن مجلس الوزراء.. سيقوم المكتب بتطوير خارطة تشريعية متكاملة لكافة التشريعات الاتحادية والمحلية في الدولة، وربطها عبر الذكاء الاصطناعي بكافة الأحكام القضائية والإجراءات التنفيذية والخدمات المقدمة للجمهور”.
وأضاف سموه موضحًا الأبعاد المستقبلية لهذه المنظومة: “ستتيح المنظومة الجديدة رصد أثر التشريعات الجديدة على الجمهور وعلى الاقتصاد بشكل يومي عبر التكامل مع البيانات الضخمة.. واقتراح التعديلات التشريعية بشكل مستمر.. وستكون المنظومة الجديدة مرتبطة بمراكز أبحاث وتطوير عالمية لمتابعة أفضل السياسات والتشريعات العالمية وكيف يمكن الاستفادة منها في دولة الإمارات”.
كما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن “المنظومة الجديدة للتشريعات القائمة على الذكاء الاصطناعي ستحدث نقلة نوعية في دورة التشريع وسرعتها ودقتها بما يضمن تفوقنا التشريعي الوطني ومواكبة قوانينا لأفضل الممارسات ولأعلى الطموحات وبما يتناسب مع خصوصية تجربتنا التنموية المتسارعة”.
وتأتي هذه المبادرة الطموحة في سياق استراتيجية أوسع تتبناها دولة الإمارات العربية المتحدة بهدف ترسيخ مكانتها كمركز عالمي رائد في تطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحيوية. وقد خصصت الدولة بالفعل مليارات الدولارات للاستثمار في هذا القطاع الواعد خلال السنوات الماضية، إيمانًا منها بالإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة والارتقاء بجودة حياة المواطنين والمقيمين.
وستشمل منظومة الذكاء التشريعي الجديدة إنشاء أكبر قاعدة بيانات تشريعية شاملة، تضم جميع التشريعات والقوانين الاتحادية والمحلية في الدولة، مع ربطها بشكل ذكي بالأحكام القضائية والعمليات والخدمات والأنظمة الحكومية المختلفة. كما ستتفاعل هذه المنظومة بشكل فعال مع المتعاملين في الميدان، مما يعزز من قدرة الحكومة على التخطيط الاستباقي من خلال الرصد اللحظي للمتغيرات العالمية المتسارعة وتحديد تأثيرها المحتمل على تشريعات الدولة. وستقوم المنظومة بتحديد مواطن الفجوات التشريعية بدقة واقتراح التحسينات والتعديلات اللازمة، مما يدعم عملية اتخاذ القرار المستنير بشأن المجالات الحالية والمستقبلية التي تحتاج إلى تنظيم قانوني.
علاوة على ذلك، ستتضمن منظومة الذكاء التشريعي تصميم نموذج جديد ومبتكر للتشريع في العصر الذكي، مع الحفاظ في الوقت نفسه على النسق التشريعي الإماراتي الأصيل الذي يحمل فكر الآباء المؤسسين وقيم المجتمع وأولوياته الوطنية. وستُمكّن المنظومة من توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في رفع كفاءة العملية التشريعية وتسريع دورة إصدار التشريع بنسبة تصل إلى 70 بالمئة، مما يعزز من قدرة الدولة على الاستجابة السريعة للمتطلبات المتغيرة.
وستشمل المنظومة الجديدة أيضًا إنشاء أكبر منصات تفاعلية متطورة، تُمكّن جميع المعنيين من فهم التشريعات والقوانين بشكل واضح وسهل، والمشاركة الفعالة في مناقشتها وتطويرها بكل شفافية. كما سيتم توظيف البيانات الضخمة وأدوات التحليل المتقدمة لمتابعة إنفاذ التشريعات بشكل فوري وقياس تأثيرها آنيًا على أرض الواقع، وذلك لدعم اتخاذ قرارات أكثر دقة وفعالية في مجال السياسات العامة.
وفي إطار بناء القدرات الوطنية في هذا المجال الجديد، سيتم تصميم وظائف جديدة في مجال التشريعات مدعومة بالذكاء الاصطناعي باستخدام مفهوم وكلاء الذكاء الاصطناعي (Agentic AI)، مثل الباحث التشريعي الذكي، والمحرر التشريعي الآلي، والرقيب التشريعي الذكي. كما سيتم العمل على بناء القدرات وتأهيل وإعداد جيل جديد من قادة الذكاء التشريعي، وتشكيل أكبر مجتمع متخصص في هذا المجال، يجمع المشرعين وصانعي السياسات والخبراء القانونيين وخبراء الذكاء الاصطناعي لتبادل المعرفة والخبرات.
وقد اعتمد مجلس الوزراء رسميًا إنشاء مكتب الذكاء التشريعي في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بحكومة دولة الإمارات، ليقوم المكتب بدور محوري في التنسيق مع جميع الجهات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص لتصميم وإدارة هذه المنظومة التشريعية الذكية الأولى من نوعها على مستوى العالم. وتأتي هذه الخطوة النوعية، التي ستتيح لدولة الإمارات التعاون مع المنصات العالمية الرائدة ومختبرات تطوير الذكاء الاصطناعي ومراكز البحوث والتطوير العالمية، استمرارًا للتحولات الكبرى والمفصلية التي أنجزتها حكومة الإمارات مؤخرًا في المجال التشريعي، حيث أنجزت خلال السنوات الأربع الأخيرة أكبر تحول تشريعي في تاريخها بتحديث أكثر من 80 بالمئة من القوانين الاتحادية. وتُمثل منظومة الذكاء التشريعي بمثابة خط أساس جديد في العمل التشريعي، وتُعد إيذانًا بدخول مرحلة جديدة ومتقدمة في المسيرة التشريعية لدولة الإمارات العربية المتحدة.